أتَلمَسُ حوائط البيت التى شهدت طفولتى وأستشعر أرضيته المصنوعة من الملاط تحت قدمىَّ الحافيتين التى تحملت دبيبهما المستمر...أتأمل سريرى الذى أحلم عليه والقميص الذى أرتديه منذ عام والنظارات أمام عينىَّ: أنظر دائما عبرها لا اليها..ويتوجه نظرى الى الجسد الذى يحتوينى غريبٌ عنى؛ فأنا الروح الشفافة وهو تجسدٌ مادىٌ غيرها ويرعبنى أن كل هؤلاء ليسوا من الجماد...انهم أحياء فقدوا النطق...يصرخون من حولنا فلا نسمع..أ
حقاً سيشهدون علينا وعلى اثامنا وخطايانا يوم البعث؟ هل هذا انتقامهم لأننا لم نكن بالحس الكافى تجاههم منذ بداية الخلق؟ هل لأننا نسينا حكمة الأشياء حين عرض عليها الرب تحمل المسؤولية بدلا من الانسان فرفضت خشية أن تعصاه؟ ...يقولون فى التفاسير أننا يوم الحشر سنتعرى امام بعضنا وتتبدى سوءاتنا لبعض كما تبدت سوءات ادم وحواء لبعضهما منذ يوم سحيق..البعض ظن أنه التعرى من الملابس فقط...بل هو التعرى من الأقنعة يا سادة...أقنعة البراءة الكاذبة وسوف تظفر الأشياء بانتقامها كاملا فى الملحمة الكبرى أمام بعضنا...ستبوح الحوائط بكل سر..وستذكر الأرضيبة نية كل خطوة فوقها...سيتكلم السرير عن مغامرات فى عشق محرم...القميص سيحكى عن مشاجرة مع الوالدة والتطاول عليها...ونظاراتى ستعرض حياتى كاملة فى فيلم سينمائى قصير.سيشهد الجسد بكل صغيرة وكبيرة...لذا يا سادة قد تتفهمون أنه لا أسرار لدى...أؤمن أنكم ستعرفونها فى أية حال لذا لم أخفيها وتقولها بدلا منى الأشياء؟..لن أنتظر يوم حسابى لكى أعترف أننى لست ملاكا..لست ملاكا على الاطلاق..أحيانا أحسبنى شيطانى الخاص !